Français    English    عربي

منـع الـرّق

قبل إلغاء الرق وعتق العبيد بالمملكة أصدر أحمد باي الأول في 6 سبتمبر 1841 أمرا يقضي بمنع الإتجار في الرقيق وبيعهم في أسواق المملكة كما أمر بهدم الدكاكين التي كانت معدة في ذلك الوقت لجلوس العبيد بالبركة (سوق الصاغة حاليا) ثم أصدر أمرا في ديسمبر 1842 يعتبر من يولد بالتراب التونسي حرا ولا يباع ولا يشترى.

وتضمن الأمر علي بتاريخ 23 جانفي 1846 المتعلق بإلغاء الرق النص التالي:

                    إلى علماء مشايخ ومفتيي تونس يتضمّن إعلامهم بإلغاء الرق وعتق العبيد

الحمد لله حفظهم لله تعالى ورعاكم ونور هداكم الفضلاء الأعيان الأخيار العلماء الكمل هداة الأمة ومصابيح العلي أحبابنا الشيخ سي محمد بيرم شيخ الإسلام والشيخ سي إبراهيم الرياحي باش مفتي المالكية والمفتيين الشيخ سي محمد بن الخوجة والشيخ سي محمد بن سلامة والشيخ سي أحمد اللابي  والشيخ سي محمد المحجوب والشيخ سي حسين البارودي والشيخ سي الشاذلي بن المؤدب والشيخ سي علي الدرويش والشيخ سي محمد الخضار والقضاة الشيخ سي محمود بن باكير والشيخ سي محمد البنا والشيخ سي محمد النيفر بباردو والشيخ سي فرج التميمي بالمحلة، أكرمهم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

وبعد، فإنّه ثبت عندنا ثبوتا لا ريب فيه أن غالب أهل أيالتنا في هذا العصر لا يحسن ملكية هولاء السودان الذين لا يقدرون علي شيء علي ما في أصل صحة ملكهم من الكلام بين العلماء إذ لم يثبت وجهه وقد أشرق بنظرهم صبح الإيمان منذ أزمان وأن من يملك أخاه علي المنهج الشرعي الذي أوصى به سيد المرسلين آخر عهده بالدّنيا وأول عهده بالآخرة حتّى أن من شريعته التي أتى بها رحمة العالمين عتق العبد علي سيده بالإضرار وتشوف الشارع إلى الحرية فاقتضى نظرنا والحالة هذه رفقا بأولئك المساكين في دنياهم وبمالكيهم في أخراهم أن نمنع الناس من هذا المباح المختلف فيه والحالة هذه خشية وقوعهم في المحرّم المحقق المجمع عليه وصد إضرارهم بإخوانهم الذين جعلهم الله تحت أيديهم وعندنا في ذلك مصلحة سياسية منها عدم إلجائهم إلى حرم ولاة غير ملتهم فعينا عدولا بسيدي محرز وسيدي منصور والزاوية البكرية يكتبون لكل من أتى مستجيرا حجة في حكمنا له بالعتق علي سيده وترفع إلينا لنختمها.

وأنتم حرسكم الله إذا أتى لأحدكم المملوك مستجيرا من سيده واتصلت بكم نازلة في ملك علي عبد وجهوا العبد إلينا وحذار من أن يتمكن له مالكه لأن حرمكم يأوي من التجأ إليه في فك رقبته من ملك ترجح عدم صحته ولا نحكم به لمدعيه في هذا العصر واجتناب المباح خشية الوقوع في المحرّم من الشريعة لاسيما إذا انضم لذلك أمر اقتضته المصلحة فيلزم حمل الناس عليه والله يهدي للتي هي أقوم  ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كريما.            

والسلام من الفقير إلى ربه تعالى عبد المشير أحمد باشا باي وفقه الله تعالى آمين.

                                                       كتب في 23 جانفي 1846

  

 وصدر أمر علي بتاريخ 29 ماي 1890 ينص على جمع الأحكام المتعلّقة بإبطال العبوديّة بالمملكة هذا نصه:

        وبعد، فلا يخفى أنّ المقدّس المنعم ابن عمّنا سيدي أحمد باشا باي أصدر أمره المؤرّخ في 25 محرّم الحرام سنة 1262 (23 جانفي 1846) بإبطال العبودية من المملكة مراعاة لما تهم مراعاته من المصالح الدينية والإنسانية والسياسية وأنه ومن خلفه من أسلافنا المقدّسين حكموا بإبطال الأسواق التي كان يقع بها بيع العبيد وعتق كلّ من يفد للملكة علي حالة الملكيّة وأصدروا الإذن للعمّال أن ينهوا إلى الوزارة ما يبلغهم من المخالفات المتعلّقة بالملكيّة وحذّروهم من طائلة التّغافل،

كما لا يخفى أنّ جناب وزيرنا الأكبر كان أصدر للعمّال بمقتضى إذن من حضرتنا مكتوبا مؤرّخا في 5 رجب 1304 (29 جوان 1887) يتضمّن لزوم العمل بمقتضى الأحكام المشار إليها. ولمّا كانت المقاصد الجليلة التي بني عليها الأمر المؤرّخ في 25 المحرّم سنة 1262 (23 جانفي 1846) ممّا يهمّنا إدراكها وكان من المفيد أيضا أن نجمع في أمر واحد جميع الأحكام المتعلّقة بإبطال العبوديّة بمملكتنا ومعاقبة من يخالفها،

                                                                                     

                                                   أصدرنا أمرنا هذا بالفصول الآتية  :

الفصل 1- لا عبوديّة بمملكتنا ولا يجوز وقوعها فيها، فكلّ إنسان حرّ مهما كان جنسه أو لونه ومن يقع عليه ما يمنع حريّته أو يخالفها، فله أن يرفع أمره للمحاكم.

الفصل 2- مستخدمو السّودان أو السودانيّات في مملكتنا يلزمهم في مدّة ثلاثة أشهر من تاريخ صدور أمرنا هذا أن يعطوا من لم يعط إلى الآن ممّن ذكر حجّة بالعدالة مكتوبة عن إذن القاضي بالمكان أو العامل أو نائبه تقتضي أنّه حرّ غير مملوك ومصروف الحجّة المذكورة علي المخدوم.

الفصل 3- من خالف أحكام الفصل السّابق تعاقبه المحاكم الفرنسويّة إن كان أجنبيّا أو المحاكم التونسيّة إن كان تونسيّا بخطيّة قدرها من ريالات 200 إلى ريالات 2000.

الفصل 4- من يثبت عليه أنّه اشترى إنسانا أو باعه أو حازه بوجه الملكيّة يعاقب بالسّجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنين.

         الفصل 5- الفصل 463 من قانون الجنايات الفرنسوي تجري أحكامه علي المخالفات المبيّنة بأمرنا هذا، والفصل 58 من القانون المذكور تجري أحكامه علي من تكرّر منه المخالفات المذكورة.

                                                                  كتب في 29 ماي 1890

                                          

المصدر: محمود بوعلي القضاء في تونس تراث ثلاثة آلاف سنة ".

أنظر كذلك في هذا الموقع: محطات تاريخية - متحف القضاء وحقوق الإنسان